موقعُ الدّين في معادلةِ بناء المجتمَع المُسلم

نَسعى في هذا البحث إلى بيان الموقع المِفصلي للدّين-عقيدة وقيمًا وتشريعات- في تأسيس ونسجِ العلاقات بين مختلف أطياف المجتمع في شتّى أنساق علاقاته-العلوية والأفقية-، مُستحضرين أصالةً المعالم الأساسية للمنظور القرآني في بناء المجتمع لما يتضمنه من رؤية كلّية متّسقة لأبعاد الوجود الإنساني-مبدأ ومنهجا ومقصدا ونظرا وتدبيرا- تعد بوصلة توجّه المجتمع في الحياة فكرا وحركة. كما نستصحب كذلك الرّصيد الثري للسنة النبوية، بوصفها تجربة تنزيلية نوعية، أثبتت بشكل جلي قابلية نقل المنظور القرآني من النظرية إلى التطبيق، مما أثمر بعد مدافعة مريرة مع تجارب جاهلية تأسيس مجتمع مسلم يعدّ أنموذجا مثاليا، تُستلهم منه العناصر الحيوية للإصلاح.خلصنا في آخر البحث إلى أن تأسس المجتمع وفق المنظور القرآني وتجربته النبوية الميدانية أثمر تشكل معالم بناء أخلاقي شامل، تحرّر فيه المجتمع بتمثّله لكلّيات إيمانية تعمّق صلته بالله، ممّا يفضي إلى تناغم حركيته مع الروابط الإنسانية والكونية، في كنف قيم أخلاقية جامعة تتجلّى في التّكافل، والتّعاون على البرّ والتقوى، وتآلف القلوب، وكل ما من شأنه أن يرسّخ وحدة الأمّة، ويدعّم قوّة نسيجها الاجتماعي على أساس الانتساب للإيمان، ضامنا بذلك صلاحية واستمرارية المجتمع الإسلامي في أداء وظيفته في الحياة في إطار تمثّل كلّيات الاستخلاف، قصد تحقيق أعلى درجات التحضّر في عالمي الروح والمادة.