تقنين الفقه الإسلامي

إنه وإن تعددت نكبات الأمة الإسلامية على مر التاريخ، فإن من أعظم نكباتها اليوم هو عدم تحكيم شرع الله سبحانه في كونه، وإقصاء الدواء النافع والعلاج الناجع عن مشاكل العالم الإسلامي وقضاياه، والاكتفاء بالأفكار الوضعية والقوانين البشرية لتنظيم أوضاعه ومجالات حياته، مع اعترافه بأهمية التشريع الإسلامي في جانب الأحوال الشخصية من زواج وطلاق ونفقة مواريث وغير ذلك، فظهرت التقنينات الإسلامية في هذا الجانب. ولأن العالم الإسلامي لا يصلح آخره إلا بما صلح به أوله، باتت الحاجة ماسة وضرورية لاستلهام شرع الله تعالى، والإصرار على تنفيذه، ولن يتأتى ذلك اليوم إلا بتقنينه وتقديمه في الثوب العصري المناسب، ولذا بات أيضا تقنين الفقه الإسلامي ضرورة عصرية لمحاولة تطبيقه وإبقائه حيا في نفوس المسلمين وذاكرة العالم الإسلامي، وأن إعادة صياغته بطريقة عصرية مماثلة للصيغ القانونية المعتمدة، تعد الخطوة الأولى التي لا بد منها لتطبيق أحكامه في العالم المعاصر. ولقد جاء هذا الكتاب الذي يتناول قضية تقنين الفقه الإسلامي، تلبية لهذه الحاجة المعاصرة، ليذلل أمام القائمين على أمر البلاد والعباد بعض عقبات التقنين، وليفصل في بيان مشروعيته، وركائزه التي يحتاج إليها وأهمها المنهجية التي يقوم عليها التقنين، وأخيرا بيان أهم الآثار التي يمكن أن تتصل بالتقنين، كأثره على التقريب بين المذاهب الفقهية الإسلامية،وأثره على مستقبل هذه المذاهب